في عالم يتغير أسرع مما نتصور، بات الاستعداد للمستقبل نهجاً على الحكومات اتباعه حتى تكون جزءاً من صناعة المستقبل بدلاً من ملاحقة الأزمات، في ظل تحدياتٍ تتفجر كلما ظننا أن العالم استقر سياسياً واقتصادياً وأمنياً، فالواقع يفرض على الجميع تساؤلاتٍ بشأن الاستقرار والأمن الغذائي وأمن الطاقة، وسط صراعات وأزمات في الشرق الأوسط وفي مناطق مختلفة من العالم.

وقد برزت القمة العالمية للحكومات على مدى عقد ماضٍ كمنصة لاستشراف المستقبل وتطوير الحلول التنموية، وخاصة مع احتضانها منتديات عالمية تبحث التوجهات والتحولات المستقبلية على مائدة صناع المستقبل، ونجحت القمة في تعزيز بناء الشراكات والتعاون الدولي وصياغة توجهات الحكومات الساعية لخدمة الإنسان والكوكب، تجسيداً لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله.

وبانعقاد القمة في فبراير 2024، فإننا على موعد مع استمرار النهج الاستراتيجي لدولة الإمارات لتعزيز التعاون الدولي، وتشجيع الشركات البنّاءة والمبادرات الملهمة القادرة على تلبية طموحات الشعوب في التنمية والرفاه والثقة بالمستقبل، إذ تستشرف النسخة الجديدة من القمة الفرص والتحديات في جملة من القضايا الملحة، لتطرح سبل الوصول إلى رؤى ترتقي بالعمل الحكومي وتمكّنه من التغيير الحقيقي في واقع الدول والمجتمعات.

ومن القضايا الملحة المطروحة على مائدة القمة، النمو، إذ تعمل الدول على زيادة وتيرة النمو حتى تستطيع مواكبة التحديات وموائمة التطور، مع سرعة تطور المبادرات الرقمية والاعتماد على التكنولوجيا، وصعوبة التخلف عن ركب العالم في التكنولوجيات الحديثة.

ويطرح الذكاء الاصطناعي آفاقاً جديدة مع استمرار تطوره المتسارع، ولذا فإن من المهم للغاية إلمام الحكومات بمزاياه وعيوبه وسبل الاستفادة منه لاستخدامه لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للحكومات وتعزيز تنافسية الدول، والتعرف إلى الاتجاهات الناشئة لاستكشاف الحكومات للتكنولوجيا، وكيفية تسخيرها لخدمة عالمنا المتطلع إلى مستقبل أكثر حيوية ورفاهية للبشر، في مقابل تحديات جمة تتنوع بين الحروب والصراعات والتغيرات المناخية والبيئية والأزمات الاقتصادية.

القمة العالمية، التي تنعقد في دبي، تضع التحديات والفرص أمام قادة الدول والحكومات والمنظمات الدولية والمستثمرين والمتخصصين وقادة الرأي العام ونخبة من العلماء الحائزين على جائزة نوبل في مختلف التخصصات العلمية، ما يجعلها منصة عالمية لأصحاب العقول وصناع القرار تصدر عنها حلول مبتكرة تهدف إلى الارتقاء بحياة المجتمعات والحضارة الإنسانية. تؤدي الإمارات دوراً رائداً في مواجهة تحديات المستقبل من خلال مبادرات دولية مهمة، وانعقاد القمة العالمية للحكومات سنوياً، إضافة إلى استضافة قمم دولية تعالج قضايا العالم المصيرية، آخرها قمة المناخ «كوب28»، بمثابة حلقة وصل لتبادل المعرفة حول أفضل الممارسات والحلول المستقبلية، والتعاون الدولي لمواجهة التحديات بشكل فعال وعادل وحيوي.

ضمن هذا السياق تأتي المشاركة الفاعلة لمركز تريندز للبحوث والاستشارات في أعمال القمة العالمية للحكومات في إطار رؤيته البحثية، وحرصه على الحضور الفاعل في الملتقيات والمنتديات العالمية، إذ يشارك المركز بصفته عضواً مساهماً في القمة، وشريكاً معرفياً لمركز الشباب العربي أيضاً، وقد قدم «تريندز» بالشراكة مع «مركز الشباب العربي»، الذي يعد أكبر تجمع من نوعه للقيادات العربية الشابة، نتائجَ دراسة «التضامن الاجتماعي في المجتمعات العربية»، كما سيشارك المركز في العديد من جلسات الحوار خلال القمة.

*رئيس قطاع «تريندز - دبي»- مركز تريندز للبحوث والاستشارات